سنابل العزة

السبت، 27 فبراير 2016

حاتم وجنون هياتم : الكارثة الكبري في إخراج الله من معادلة الحياة ( 6 )

بقلم : دكتور محمد أبو زيد الفقي
( 130 )
خلف محطة القطار كان عم بيومي يقف في كشك له ، يعمل الشاي لعمال المحطة ، ولكل من يتصل عمله بهذه المحطة ، حتى اللصوص الذين يسرقون أمتعة راكبي  #القطارات ، الكل يعرفه ، وهو يعرف الكل ، وكان له زبائن من كل أطراف المدينة ، لأنه بجانب عمل المشروبات الساخنة بكل أنواعها ، كان تجار المخدرات يرسلون له كميات من  #الحشيش ، و  #الأفيون ، و #البانجو ، يقوم بتوزيعها في لفائف صغيرة علي بعض زبائنه ، وكانت تقف معه في الكشك ابنته هياتم ، وكانت مهمتها توزيع المشروبات علي الذين يجلسون علي الأرائك [الدكك]الخشبية ومعها اللفائف إياها ، لمن يريد ، كانت هياتم جميلة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، ومع ذلك لم يتقدم أحد لخطبتها ، وكان لذلك أسباب كثيرة منها : فقر كثير من الزبائن ، وارتباط بعضهم بالزواج ، والجهد الكبير الذي يبذلونه في تحصيل الرزق ، وخروج بعضهم عن دائرة الحياة بسبب ما يشربونه من  #المخدرات ، وكان هناك سبب خاص بهياتم نفسها ، فقد كانت في غاية الكرم مع زبائنها ، وكانت لا ترد يدى لامس ، ولا تكسر له خاطر ، وتجمعت هذه الأسباب لتجعل من زواجها أمراً بعيد المنال ، وغريب عن الخيال .
في احدي ليالي الشتاء الباردة ، ألجأت الأمطار الشيخ حاتم ، للاحتماء بهذه الغرزة
[ القهوة الصغيرة ] ، ولما جاءته هياتم ، أو تيمه ، كما كان يطلق عليها رواد الغرزة ، ووقفت أمامه ، وقالت له : تشرب إيه ؟

[VDLM RJG
نسي الشيخ حاتم الزمان والمكان ، ونظر لتيمه ، ولجسدها المستفز ، وقال بعد أن أطرق رأسه : شاي . لم يكن الشيخ حاتم شيخا ، ولم يتلق تعليما دينيا قط ، وكان مؤهله دبلوم صنايع ، ولكن أطلق عليه زملاؤه في الأعمال الحرة ، و أهل حارته : الشيخ حاتم ، بسبب استقامته ، و أدبه ، وشدة حيائه . تناول الشاي وهمَّ بدفع الحساب ، ولكن تيمه قالت له بدلال و أنوثة ماكرة ، الحساب هذه المرة علينا ، لأنها أول مرة ، وعندما تصبح زبونا عندنا ستدفع الكثير ، انصرف حاتم وهو عازم علي عدم الرجوع إلي هذا المكان مرة أخرى ، وبعد أيام غلبه شوقه وساقه
إلي غرزة تيمه ، و انبهرت البنت بأدبه ووسامته ، وشعرت أنه مختلف عن كل زبائن الغرزة ، وبدأت في محاصرته بعيونها ، و إلقاء شباكها عليه ، وبدأت الحرب بين تجاربها الكثيرة ، وتجربته الكسيرة ، وانتصرت تيمه ، وبعد شهور كان الشيخ حاتم يضع يده في يد عم بيومي ، ويجلس بينهما المأذون ، وبعد شهور أخرى تم الزفاف .
أنجبت تيمه لحاتم بنتين ، في مستوى جمالها ، ولكنها أرهقته بطلباتها التي لا تنتهي ، ورغباتها في الحياة التي لا يمكن أن تتحقق إلا في الخيال المطلق ، أو في أفلام السينما ،
و أخذت بيده من طريق الحلال الذي عاش به ، إلي طريق الحرام التي عاشت عليه ، و أصبح الشيخ حاتم يعبد زوجته ويطيعها طاعته لربه في الأيام الغابرة ، و اخرج الله من معادلة حياته ، التي عاش بها ثلاثين عاما قبل زواجه ، وكان سعيدا وراضيا بوجود الله في حياته ، وفي تصرفاته وفي حساباته ، وبدأ يوزع المخدرات مع عم بيومي ويشربها مع زملاء السوء ، وبدأ يسرق بالإكراه ، ويقتحم البيوت ، ويعود أخر الليل لينال الرضي من الفاتنة الساحرة تيمه ، وتم اعتقاله ، ودخل السجن لأول مرة في حياته ، و لأول مرة في حياته أيضا جلس مع نفسه ،
[ و ما أقل ما نجلس مع أنفسنا طوال حياتنا ] . وتذكر الشيخ حاتم المستقيم الطيب العطوف الحنون ، وكيف كان الشيطان نفسه لا يستطيع أن يصل إليه ، وتذكر معرفته بتيمه ، وكيف اجتالته [ أخذته ] من طريق الهداية والسلامة ، إلي طريق المعصية والندامة ، وكيف جعلته يخسر ربه ، الذي كان يراقبه في كل أمر من أمور حياته ، و أدرك أنه خسر الدنيا والآخرة وقرر أمراً ؟؟؟؟
بعد مدة أُفرج عنه علي ذمة القضية ، وعاد إلي بيته ، ووجد أن بعض معارف تيمه القدامى ، قد حملوا عنه العبء في غيابه ، وعوضوها عن كل شيء ، وتزينت تيمه بعد العشاء والسهرة ونوم البنات ، وعرضت عليه نفسها ، ولكنه أهملها قليلا حتى يصنع له ولها الشاي ، ليشربا سويا ، وفي كوبها وضع لها منوماً ، كان قد اشتراه سلفا ، وشربت تيمه ونامت ، وذهب هو
إلي المطبخ ، و آتى بسكين وعاد إلي سريره ، ونظر إلي جسد تيمه الفاتن و إلي عنقها الشارد ، وعلم أن هذا الجسد كان سببا في نكسته ووكسته في الدنيا و الآخرة ، ولا يعلم أحد إلا الله الحالة التي كان عليها ، والضوء الأحمر الذي توهج في رأسه ، وقام بقطع عنق هياتم ، وفصل رأسها عن جسدها ، ونظر إلي البنتين ، واعتقد أن مستقبلهما سيكون أسوأ من أمهما ، وسيفتنان أكثر من حاتم مثله ، فترك سريرها وذهب إلي سريرهما ، وقام بقطع رأسيهما ، ووضع الرؤوس الثلاثة بجوار بعضها فوق الأحذية الموجودة في الغرفة .
و في لحظات أبلغ حاتم النجدة ، وحضر رجال  #الشرطة ، وقاموا بنقل الجثامين إلي المشرحة ، وعندما حُمِل جسد هياتم نظر جنديٌ عجوز إلي تفاصيل جسدها ، وقال لحاتم : هل السيدة التي تملك هذا  #الجسد تُقتل يا غبي ؟!
قال حاتم : كفاك الله و #المسلمين شرها وشر أمثالها ..
{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ *وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } سورة الزخرف الآيتين 37،36
بذنوبنا أعطانا الله جهلا يغنينا عن كل علم
ا.د. محمد أبوزيد الفقي
18جماد الأولى 1437هــ ، 27فبراير 2016م
www.sanabelalezaa.com الموقع الالكتروني
Dr. MoHaMMeD Abo ZeeD AlfeQy صفحة الفيس بوك
#سنابل_العزة
#قبل_الغروب
#عوامل_السقوط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق