سنابل العزة

الأحد، 5 فبراير 2017

أيامي : عودة الشيخ جاد الحق ( 4 ) الاجتهاد و تنقية التراث





قبل الغروب
عوامل السقوط

154- أيامي : عودة الشيخ جاد الحق  ( 4 ) الاجتهاد و تنقية التراث


      في زيارة من زياراتي لفضيلة الشيخ جاد الحق الإمام الأكبر :
  قال لي : إن كتب الدراسة في المعاهد الأزهرية ، تحتاج إلي تجديد ، و تعديل ،  و تنقية مما علق بها عبر السنين الطوال .
قلت : يا مولانا كنت أذاكر لابني في كتاب الصف الأول الإعدادي الأزهري في الفقه الشافعي ، فوجدت أخطاء كثيرة ، منها ما لا يصح أن ينسب للإمام الشافعي .
قال لي : أرجو أن تسجِّل ما تجده في مذكرة ، و تعرضها علي .
قلت له : سأفعل بإذن الله تعالي ، و بدأت بكتابة الأخطاء الموجودة في الكتاب  فوجدت أن فيه ( 360 )  خطأ في ( 95 ) صفحة منها (60 ) خطأ في نفس المذهب ، و الباقي أخطاء إملائية ، وفي الآيات،    و الأحاديث ، بخلاف الأخطاء النحوية ، ، و الصرفية ، و بعد انتهاء هذا العمل ذهبت للإمام .
و قلت له : هذا ما استطعت أن أصل إليه ، فأصدر قرار بتشكيل لجنة لإعادة طباعة الكتاب ، و أعطى اللجنة مهلة ثلاثة أشهر .
·       وفي يوم من الأيام ذهبت إليه في موعدي الأسبوعي ، و دخلت مكتب المدير ، لحاجة لي ،فأعطاني نسخة من الكتاب ، مكتوب عليها بخط الشيخ : أنها تخصني ، فحاولت الاطلاع علي النسخة قبل الدخول إلي الشيخ ، و لكني فوجئت أن الكتاب لم يتغير منه شيء علي الاطلاق ، و عندما دخلت عند الشيخ وجدت مجموعة من المشايخ يتحلِّقون حول مكتبه ،  و بعد أن سلمت عليه ، و عليهم ، و جلست بعيدا عنهم بعض الشيء .
 قال لي : هل قرأت الكتاب الذي تركته لك عند المدير ؟
قلت : يا مولانا قرأته ووجدت أن هؤلاء الناس خدعوك ، و لم يغيروا شيئا ، و لم يصلحوا شيئا .       و أعطيته نسخة من الكتاب القديم و أخرى من الجديد ، و التقرير ، وظل الإمام  الأكبر يقرأ ، و يقارن لمدة نصف ساعة ، ووجد أن ما ذكرته له حقا .
قال للجنة : لماذا فعلتم ذلك ؟
قالوا يا مولانا : إننا لا نستطيع أن نغير شيئا من كتب أسيادنا العلماء .
قال : حتى لو كان خطأ .
قالوا : الخطأ عندهم صواب عندنا ، فأشر علي استمارة المكافأة التي قدموها له ، بالإحالة إلي التحقيق ، و خصم المكافأة ، من هؤلاء الغشاشين .
 ثم قام فضيلته بتشكيل لجنة جديدة لمراجعة الكتاب
 و قال لي : سأرسل لك نسخة من الطبعة الجديدة ، و عليك قراءتها جيدا ، و تقديم تقرير آخر عنها .
·       مضت ثلاثة أشهر من هذا التاريخ ، و ذهبت للشيخ فأخبرني أنه قد تم طبع الكتاب ، و أعطاني نسخة منه ، ووجدت أن بها بعض التصويبات فطلبت منه مهلة لقراءته ، و بعد أسبوع ذهبت إليه ، و دخلت المكتب فوجدته جالسا مع د. عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر وقتها ، فسلمت عليهما ، و جلست
قال الشيخ : هل قرأت النسخة الجديدة ؟
 قلت نعم قرأتها .
قال: وماذا وجدت فيها ؟
قلت : اللجنة الكريمة صححت كل الأخطاء الإملائية ، و النحوية ،و في الآيات ، و الأحاديث ، و لكنها لم تصحح الأخطاء الفقهية ، و هي الأهم من وجهت نظري .
قال الدكتور عبد الفتاح الشيخ :- و كان والده أحد الثلاثة الذين ألفَّوا هذا الكتاب ـــ  أنت يا دكتور تريد أن تستدرك علي علماء كبار من أمثال أبي و زملائه ؟
قلت : أنا لا أستدرك علي العلماء ، ولا أعيب أحدا منهم أبدا ، و كل ما قمت به ينصبُّ على ما كتب في الكتاب دون النظر إلي المؤلف أو المؤلفين الذين كتبوه .
 قال الشيخ : يا شيخ محمد استمر في نقد أي كتاب ترى فيه أخطاء ، و قدم لي تقريرا عنه ، و سوف أعمل علي إصلاحه ، إننا إذا لم نصحح كتبنا ، و ننقيها مما علق بها ، سيأتي زمن يقوم غيرنا  ،       و يستدرك علينا ، و يتهمنا بالجهل ، و التخلف .
     و بعد أسبوعين فارقنا إلي ربه قبل أن ينجز ما كان يحلم به من تنقية التراث ، و جعل القرآن حاكما علي السنة ، و الفقه ، و اللغة ، و كل ما يتعلق بالإسلام .
  رحم الله فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمة واسعة ، و أنزله مقاما محمودا ، فقد كان عالما ورعا ، يحب الأزهر من أعماق قلبه ، و أوقف له كل دقة في قلبه ،      و كل نبضة في عروقه ، و لا أبالغ لو قلت : إنه بغياب هذا العالم الجليل عن الدنيا ، غابت شمس الأزهر ، و أصبحنا ننتظر شروقها ، حتى تحجرت الدماء في العروق ، و تجمدت الدموع في المآقي ،   و كل يوم نحزن فيه على الشيخ جاد الحق نحزن فيه على الأزهر ، وما حدث له .
بذنوبنا أعطانا الله جهلا يغنينا عن كل علم
ا . د / محمد أبو زيد الفقي
8 جماد الأولى  1438هــ ، 5 فبراير 2017م
www.sanabelalezaa.com   الموقع الالكتروني
Dr. MoHaMMeDAboZeeDAlfeQy   صفحة الفيس بوك


 http://www.sanabelalezaa.com/%d8%a3%d9%8a%d8%a7%d9%85%d9%8a-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d8%ac%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%82-4-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%87%d8%a7%d8%af-%d9%88/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق