سنابل العزة

الأربعاء، 20 يوليو 2016

المؤسسات الدينية والثقافية تنام فى غرفة الإنعاش الفكرى



أنوار رمضان
الدكتور محمد أبو زيد الفقى فى حوار مع « الأهرام» :
المؤسسات الدينية والثقافية تنام فى غرفة الإنعاش الفكرى

















حوار رجب عبدالعزيز

أكد الدكتور محمد أبو زيد الفقي، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الإنسان مستخلف فى الأرض من أجل إعمارها، وأن عبادة هذا الإنسان لله هى النور الذى يستضيء به حياته من أجل أن يقوم بمهمته الأساسية فى هذا الكون وهى الإعمار مصداقا لقول الله تعالي: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).

وقال فى حوار مع «الأهرام» أن مؤسساتنا الدينية والثقافية تنام فى غرفة الإنعاش الفكرى وتقترب من الرمق الأخير.

وأوضح ان «داعش» ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية هى صنيعة الاستعمار وتستمد أفكارها التكفيرية من أحاديث دسها أعداء الإسلام على السنة ليستعملوها يوما من الأيام. وتعارض مع صريح القرآن الكريم. وأن روحانية  #الإسلام ليست فى الانعزال والانقطاع للعبادة بل فى العمل على العمران والأخذ بأسباب الحياة من أجل التفوق.. وإلى نص الحوار:

هل ترى أن مؤسساتنا الدينية المختلفة قادرة على تجديد الدين؟

لا تستطيع أى مؤسسة تعليمية فى مصر أو خارج مصر القيام بتجديد الخطاب الديني، لأنه من المستحيل أن تطلب ممن يؤمن بشيء ويحفظه أن يقوم بتغييره، أو بتجديده، ولابد أن يسند الأمر إلى بعض المفكرين الإصلاحيين من الأزهر، ومن خارج الأزهر، وأنا أعد الآن لعمل مؤسسة لإعادة الخطاب الدينى إلى القرآن الكريم والسنة التى لا تعارضه، والابتعاد عن الخرافات و الأساطير وشطحات بعض الذين سموا أنفسهم علماء ونحن لا نعرف من أين جاءوا ولا أى فكر يعتقدون، ولا إلى أى هدف يتجهون، والمؤسسة التى أسعى إلى إقامتها ستضم كل الإصلاحيين المستبعدين والمطرودين من المؤسسات الرسمية التلقينية.

هل المطلوب تجديد الدين كما وصى الرسول صلى الله عليه وسلم أم «تجديد الخطاب» فحسب؟

تجديد الدين الذى أشار إليه الرسول هو العودة بالدين إلى أصوله فى القرآن الكريم والسنة التى لا تعارضه، وإزاحة ما علق به من خرافات وأساطير، وأعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان يقصد ذلك حينما تحدث فى هذا الموضوع، ولكن الهيئة المهيمنة على المؤسسات الدينية والثقافية تنام فى غرفة الإنعاش الفكري، وتقترب من الرمق الأخير. لقد عاد لنا أهل الكهف من جديد، ولكنهم لم يؤثروا فى الحياة، ووجدوا أن الموت فى الكهف أيسر من العمل فى الزراعة والصناعة حتى تتغير الحياة بقوة الإنسان التى منحها له الله.

اختلف مفهوم الاستخلاف فى الأرض ما بين الغربيين الذين أدركوا أن هدف الإنسان الأسمى هو العمران، ومفهوم المسلمين الذين ارتأوا أن الهدف الأسمى هو العبادة ارتكانا للنص الإلهى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)؟

لم يدرك الغربيون أن هدف الإنسان الأسمى هو العمران إلا بعد احتكاكهم بالمسلمين فى الأندلس، لأنهم فى العصور الوسطى كانوا يعيشون على فكر دينى مغشوش كما نعيش الآن، ولكنهم تعلموا العمران من المسلمين، وحاولوا قراءة التاريخ بشكل مختلف عما نفهمه نحن الآن، وفى كتاب «الإسلام قوة الغد العالمية» للعالم الألمانى باول شمتز يقول: لم يحمل أى دين فى التاريخ قيما حضارية كما يحمل الإسلام، ولو فقه المسلمون سطرا من سيرة نبيهم لصاروا قادة العالم من جديد. أما مفهوم الآية الكريمة على هذا النحو فهو إضافة سيئة لفهمنا للقرآن الكريم، ودليل على أننا نحفظ القرآن ونتغنَّى به، ولا نفهم منه شيئا فلو فهمنا الآية بهذا الشكل، أن الله تعالى خلق الجن والإنس للعبادة فقط، لكان فى هذا الفهم خرق للعقل وتكذيب للنقل، وافتراء على العقيدة، فالعبادة هنا بمعنى الطاعة، والطاعة فى الإسلام تنقسم إلى عبادة: [أداء الفرض ومراعاة الحدود] وخلافة: وهى عمران الكون، وتطوير الحياة بكل الوسائل من خلال البحث العلمى والعمل المتقن، والجهد الصادق، والخلافة هى جوهر وجود الإنسان على الأرض، والعبادة هى النور الذى يضبط حركة الإنسان فى الحياة. غير أن أعداء الإسلام تدخلوا فى أفهامنا من خلال رجال كانوا يرسلونهم إلى بلاد الإسلام، ونجحوا إلى حد بعيد فى تغيير مفاهيمنا عن القرآن، بالإضافة إلى عدم حب العرب للعمل، وهذا يرجع إلى 4600 عام قبل الإسلام حين كان يبدأ اليوم وينتهى داخل الخيمة، لولا أن الإسلام صنع منهم الرجال والأبطال، ولما استغنوا عن القرآن عادوا إلى سيرتهم فى الكسل والقعود والكذب والنفاق، وفسروا آيات القرآن بطريقة تيسِّر لهم هذا الانسحاب من الحضارة وترك العمل والعمران للآخرين.

وإذا كنا ننتظر من المسلمين الآن ومن علمائهم إظهار الإسلام فأنت تبحث عن سراب، إن بعض العلماء يصلون إلى مناصبهم بالكيد لغيرهم، وبعضهم يذهب للخارج تحت عنوان الدعوة إلى الله، وهو لا يجيد لغة البلد الذاهب إليها، ولا يفعل هناك أى شىء إلا قبول بعض الهدايا من المسلمين ثم يعود إلى مصر ويحصل على بدلات سفر وإقامة من دم ولحم هذا الشعب المسكين، هؤلاء لا يظهرون دينا ولا دنيا، وهم نكبة هذه الأمة، بالإضافة إلى الشعوب التى أصبحت غريبة عن الإسلام. ومن يريد إظهار الدين مرة أخرى فعليه بالعودة للقرون الثلاثة الأولي، ويتخلق بأخلاق العهد النبوي، ويعيش الحياة الحاضرة بكل ما فيها من علم وتقدم ويبقى هدفه الآنى والمستقبلى التفوق، التفوق، التفوق. أما ما نفعله الآن فهو نوع من الرقص على شفا القبور، ولم يبق لنا إلا النوم فيها، وإهالة التراب علينا.

هل التاريخ يعيد نفسه ما بين داعش والخوارج وعصر الحشاشين؟

نحصل على معلوماتنا عن داعش من الإعلام العالمى الموجه، ومن الذين صنعوا داعش، ولكن الموضوع يحتاج إلى دراسة ميدانية لنعرف من هم داعش، فهؤلاء الشباب فى ظنى لا يريدون دنيا، ولا مالا، ولا نساء، ولكنهم يعتنقون أفكارا ويؤمنون بها، ومعظم هذه الأفكار من الأحاديث التى دُست على السنة الشريفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم برىء منها وكذا علماء الحديث العظام لا ذنب لهم فى هذا إنما المسئولية تقع على من حفظوا ورددوا دون أن يفكروا، و سنأخذ مثالا واحدا دُس على السنة حديث: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله] هذا الحديث يلغى عشرات الآيات فى القرآن الكريم مثل قوله تعالى [لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ..] من الآية 256 سورة البقرة، وقوله: [أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّي [يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ] سورة يونس الآية 99، وقوله: [لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ] سورة الكافرون الآية 6، وقوله: [وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ] فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ] سورة الكهف الآية 29، وقوله: [لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ] سورة الغاشية الآية 22، وقوله: [إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِير] سورة فاطر الآية 23، وقوله: [لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ] سورة الممتحنة الآية 8، وقوله: [وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّي يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ] سورة التوبة الآية 6، وقوله: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] سورة الأنبياء الآية 107، وعشرات الآيات غير ذلك فى القرآن الكريم، والسؤال الآن:

هل الإيمان بهذه الآيات والتعصب لها هو حق؟ أم إلغاؤها والتمسك بحديث يعارضها هو الحق؟


مع أن الإمام البخارى وباقى علماء الحديث الكرام يقولون: يرد الحديث ولا يقبل بعشر علل فى المتن، أولها أن يعارض القرآن الكريم، و من هنا تم بناء «التهبيل» الفكرى لداعش على أحاديث دسها أعداء الإسلام على السنة ليستعملوها يوما من الأيام. وقد جاء هذا اليوم وأعتقد أننا لن نخرج من هذه الفتنة قريبا لأننا نشعل نارها، ونتحمل عارها كل يوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق