سنابل العزة

الثلاثاء، 3 مايو 2016

نوجا ملكة البانجو ـــ الكارثة الكبري في إخراج الله من معادلة الحياة


قبل الغروب
عوامل السقوط
                                                                                       الكارثة الكبرى
                                                                                            في إخراج الله
     من معادلة الحياة (10)
135- نوجا ملكة البانجو :
   لم يستطع الأستاذ زارع الحصول على الدراسات الجامعية  ، ولكنه عاد إلي قريته النائية ، ومعه زوجته نوجا ، التي تزوجها من أحد أحياء القاهرة  التى تشتهر بتجارة المخدرات ،         و ربما كان حب نوجا والانشغال بها سببا في تخلفه عن الدراسة ، و لكنه لم يندم على ذلك :      [ قد تغدو إمرأة يا ولدي يهواها القلب هي الدنيا ] ، و عاد إلي قريته مرفوع الرأس ، و كان هو الابن الوحيد لأبيه ، و لم يكن زواجه من نوجا من خلف ظهر أبيه ، بل كان بعلمه و دعمه ،      و افتخاره بين الفلاحين بزواج ابنه من البندر ، و في القرية التقى زارع بعبد الستار ، زميله في الدراسة و الذي لم يوفق في إنهاءها بسبب فقره ، و موت أبيه وهو في المرحلة الثانوية  ، فكان عليه أن  يرعى أسرة كبيرة بنين و بنات ، وفضل العمل بالزراعة ، و تعليم إخوته  ،       و أخواته ، و بعد تعليمهم ، و زواجهم استقل هو بنصيبه من الأرض ، و بعض إخوته تنازل له طواعية ، حتى أصبح يمتلك خمسة أفدنة  ، و هي نفس المساحة التي  امتلكها زارع صديقه بعد وفاة والده .


    كان الصديقان يتجاوران في الأرض ، و في المسكن ، و يعيشان في ظروف مادية متقاربة ، رزق زارع بولدين من الذكور ، أما عبد الستار  فقد رزق بولدين  و أربع بنات ، و حاول تعليمهم جميعا ، و لكنهم لم يتخطوا مرحلة الدبلوم ، أما زارع : فقد وصل نجلاه إلي الثانوية  ومنها إلي كلية الصيدلة في الجامعة  .
    ذهبت نوجا زوجة زارع إلي زيارة أهلها ، و لكنها أكتشفت أنهم يعانون من قلة وجود المخدرات الجيدة ، و ذات مساء  وهم يتسامرون  في بيت ست الحبايب ، سألها أخوها فجأة  : ألستم تملكون أرضا يا نوجا ؟
قالت : نعم عندنا خمسة أفدنة
قال : لدي مشروع يجعلكم تأكلون الشهد ، و تلبسون ذهبا
قالت : ما هو ؟
 قال : عندي تقاوي لأجود أنواع المخدرات ، و يمكن زراعتها عندكم .
قال : هذا خطر علي زارع ، و ربما علم الناس بذلك و أبلغوا  الشرطة عنه
قال لها : لن يعرف أحد  ، لأن البانجو يشبه الملوخية  أو بعض الأعشاب التي تظهر في المحاصيل ، و سوف نزرع مرة واحدة في العام صيفا داخل زراعات الذرة [ الأذرة]  ولن يشعر أحد بذلك ، و ربما زرعنا الحشيش [ القنب ] و الخشخاش ، و هو يشبه الخرشوف من ناحية الوصف ، و الفلاحون لن ينتبهوا لذلك . المهم أن السر يبقي  بينك و بين زارع .
    عادت نوجا من القاهرة بعد زيارة أهلها وولديها ، و جلست مع زارع  وعرضت عليه الأمر ، و أبدي معارضة ضعيفة في بداية الأمر ، و لكن مع الدلال و الإصرار  وافق ، و قام بزراعة الأرض كلها بالذرة في موسم زراعته ، و أحضر له صهره التقاوي ، و استخدم في الزراعة طريقة غاية في الذكاء ، فزرع الحواف الخارجية زراعة كثيفة من أكثر من الزراعة العادية  ،  و في الداخل جعل الزراعة علي مسافات متباعدة ، تسمح لنباتات المخدرات بالنمو ، و عاما بعد عام  ظهرت علي زارع أثار الثراء و الغنى ، و لم ينقطع يوما عن صلاة الجماعة في المسجد ، و كان الفلاحون يعتبرون هذه الثروة عطاء من الله ، و كرامة لزارع ، و كان يجلس  مع صديقه عبد الستار ، فيبدو عليه الانشغال بذكر الله ، و لكنه كان يتصنع  ذلك ليهرب من أسئلة جاره عبد الستار ، وكانت خضرة زوجة عبد الستار  تجلس مع نوجا كثيراً ،  و أحيانا كان الأمر يتطرق إلي هذا الثراء الفاحش و المفاجيء  ، و كانت نوجا تقول لها : إن زارع زوجى لا ينام من كثرة العمل و التجارة ، فكانت خضرة تنقلب على زوجها  مؤنبَّة ، وموبخَّة ، تتهمه بالكسل  ، و تقول له : البنات أصبحن في سن الزواج ، و الأولاد أيضا ، و أنت لا تتحرك ، و جارنا زارع لا يخرج من الأرض ، و يقطع  الملوخية و يوصلها للقاهرة بنفسه  أو عن طريق أصهاره  ثم يتاجر بعد ذلك ي كل شيء  ، وعرفتُ  من نوجا أنهم اشتروا أرضاً في عاصمة المحافظة لبناء  عمارتين [ برجين ] لكي يكون لكل ولد برج خاص به .
  فكر عبد الستار طويلا في حل هذه المعادلة ، و قال : لماذا لا أزرع أنا الآخر أذرة مثل زارع ؟
 و أزرع بداخلها شيئا أخر لكي لا يكون بيننا تنافس ، إذا كان هو يزرع ملوخية ، و خرشوف ، و قلقاس ، فأنا سأزرع فجل و جرجير ، و كسبرة ، و بقدونس ، و بصل  ، و علي عربيتي الكارو سأبيعه في المدينة ، وقام عبد الستار بشراء التقاوي ، و بعد زراعة الذرة بأسبوعين ، أخذ زوجته  و البنات الأربع ، و ذهب للحقل ، و قاس لهم مساحة متر مربع ،  ووضع في هذه المساحة عشرين [ جورة – بركة – حفرة ]  سمها ما تشاء ، و قام  بري الأرض فكان الفدان ينتج بجوار الأذرة ما يلي : 20 * 4200م = 84000 أربعة وثمانون ألف جورة  ، و كان يبيع ما يخرج من الجورة ب 1/2 نصف جنيه للتجار  بعد أن اشتهر في هذا المجال ، فكان إنتاج الفدان عنده = 42000 أثنين و أربعون ألف جنيه  في الشهر الواحد ، و كان هو يحشي        [ يقطع ]  ثلاث مرات فتكون الجملة  42000* 3 = 000,126 مائة و ستة و عشرون ألف جنيه ، استطاع بذلك أن  يزوج أبناءه و بناته  ، و أن يبني بيتا في القرية  ، فيه دور أرضي  له و لزوجته ، و شقة لكل ولد ، و شقة لكل بنت ، لو أرادت أن تعيش في بيت أبيها ، و بدأت تظهر علامات الغنى علي عبد الستار ، و كلما سأله  أحد الفلاحين عن ذلك ، قال له : الله سخر لنا الأرض لتعطينا كل شيء  ، و لكننا لا نعمل إلا ما كان يعمل أباؤنا    ، ولو فكرنا قيلا  و عملنا لفتح الله لنا أبواب الرزق الحلال من كل شيء .
   أما الأخ زارع بعد أن انتهي من بناء البرجين في المدينة بخلاف أنه هدم بيته في الريف      و حوله إلي قصر ، و حضر ولداه من الجامعة بعد الحصول علي بكالوريوس الصيدلة  ، وناما معا في غرفة واحدة  و أشعلا مدفأة  لمقاومة البرد ، و استغرقا في النوم  بسبب عناء السفر    و أكلت المدفأة كل الأكسجين الموجود بالغرفة ، و عندما فتحت أمهم نوجا باب الغرفة لتدعوهما للفطور ، و جدتهما قد فارقا الحياة ، و أقيمت جنازة مهولة ، و في اليوم الثالث للجنازة رأى الفلاحون قوات الأمن  تملأ الأرض ، و تحيط بالمنزل ، و ظنوا أن الحكومة جاءت  لتقديم خالص العزاء ، و لكن الأمر كان علي خلاف ذلك ، فقد تم القبض علي زارع  بسبب زراعته للمخدرات  و أثناء  الاستجواب اعترف علي زوجته  ، و صهره ، و حكم على الجميع بالسجن المؤبد ، و لكن النقلة الكبرى من القصور الفارهة إلي سكنى السجن التي تشبه سكنى القبور عجلت بموت زارع و زوجته  نوجا داخل السجن  ، و صادرت الدولة البرجين  ، و كان ذلك ضمن حكم المحكمة  ، و سكن قصرهما في القرية البوم  و الغربان ، و كلما نظر عبد الستار   و زوجته خضرة إلي بيت جارهما  كانا يقولان معا سبحان الله  يمهل و لا يهمل . 
  و كان عبد الستار يسجد لله شكراً أن رزقه من حلال  ومن عمله و فكره .
 و كان يردد قول الله تعالي علي لسان صديق الظالم في سورة الكهف { فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا  } الآية 40  
ملحوظة
 أكتب هذه السلسة للفت أنظار  السادة القراء إلي ما يلي :
1-   إن عذاب الله عذابين  للعاصي الأول في الدنيا ـــ  ولكننا لا نفهم  ونقول أنه مكتوب ، و أنه قضاء و قدر ، و لذلك تضيع الفائدة من هذا العذاب و لا يتعظ غير الظالم بما حدث للظالم .
2-   يجب الاتعاظ بكل شيء يحدث لنا فقد ذكرت لي إحدى السيدات أنها خلعت العباءة و لبست  بدلة في غاية الأناقة ، و عندما كانت تنزل من علي السلم أختل توازنها  و سقطت علي السلم فانكسرت ساقها ، و تم تركيب عدة مسامير في ساقها ، و ستبقي في حالة عرج إلي أن تموت  ، و هي تظن أن إحدى سكان العمارة  حسدتها .
 قلت لها  : إنك عندما تركتي الاحتشام خالفتي ربك ، والله لا يترك حقه لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فافهمي شيئا من لغة الله تعالي  في التعامل مع البشر ، ولا تعيشين في وهم المغفرة بدون استحقاق لها .
بذنوبنا أعطانا الله جهلا يغنينا عن كل علم
  ا.د / محمد أبو زيد الفقى  
24رجب 1437هــ ، 1مايو 2016م                      
www.sanabelalezaa.com   الموقع الالكتروني
Dr. MoHaMMeD Abo ZeeD AlfeQy   صفحة الفيس بوك   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق